في بعض الأحيان يتجلى العناد البشري و التمسك بالرأي و عدم سماع الآخر إلى وجود حالة من عدم المنطقية و التي تثير سواء بقصد أو من بدون قصد العديد من التساؤلات التي قد اجد معظمها (على الأقل بالنسبة لي) مضحك. في كل عام تعيش الأمة الإسلامية و نحن في المملكة العربية السعودية على وجهة الخصوص حالة من الفوضى الزمانية فيفقد فيها الشخص إحساسية بالزمان و تضيع منك حقيقة الأيام و الشهور. في كل عام و قبيل بداية شهر رمضان المبارك تبدأ التخمينات و التوقعات لتوقيت بداية الشهر و معها تبدأ حكايات ألف ليلة و ليلة للرؤية. فسنة نصوم بالخطأ و سنة نفطر بالخطأ و سنة الله اعلم بها. سنة نصوم و يفطر جيراننا و أخرى نفطر و هم صائمون. و في كل عام تكتب الصحف و أكاد اشك أن نفس الكتاب يعيدون نشر مقالاتهم سنة بعد أخرى فنحن أمة ابتلاها الله بذاكرة ضعيفة فيصبح عندنا الكلام الممل و المكرر، حكمآ و رؤية ثاقبة.
في كل عام نضيف إلى قائمة خلافاتنا الدينية و القومية خلافنا الدائم على رؤية هلال الشهر الفضيل و شروطها. فحين يصر البعض على أن الرؤية لا تصح إلا بالعين المجردة لقوله صلى الله عليه و سلم (صوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاكملوا العدة ثلاثين) و من هذا المنطلق يتمسك أصحاب هذا الرأي بان الرؤية التي أمر بها الرسول علية الصلاة و السلام هي رؤية العين فقط ، بينما يرى قسم آخر أن ذلك صحيحا لان ذلك ما كان متوفرا في تلك الأيام و في هذه الأيام و من خلال التكنولوجيا الحديثة فيمكن حساب دخول الشهر و معرفة منازل القمر بدقة عالية و لا داعي للرؤية بالعين المجردة لما في ذلك من إختلاف و احتمالية الخطأ بشكل كبير.
لست متخصصا في الفتوى أو عالما إسلاميا حتى افتي أي القولين أصح ، لكن كل ما افهمه أن الفرق بين الفريقين يشبه الى حد كبير حكم مباراة كرة القدم عندما يختار أن يطبق القانون أو روح القانون. فإن أكثر من الأولى أفسد المباراة و ذهبت متعتها ، و إن أكثر من الثانية خرجت المباراة عن السيطرة و أصبحت ساحة للعراك و الفوضى مثلها مثل التعصب الفكري الغير مبرر لرفض الاتحاد الدولي لكرة القدم استخدام تقنية الكرة الذكية لتحديد إذا ما عبرت الكرة خط المرمى أم لا. لتعيش جماهير الكرة الجدال الأزلي هل عبرت الكرة خط المرمى بكامل محيطها أم لا ؟ هل رأي الحكم الكرة أم لا؟
أؤمن بان الإسلام يستوعب التطور و قد حث وبشكل دائم على العلم و التعلم حتى يعود نتاج هذا العلم على المسلمين بالفائدة لا أن يترك جانبا و إلا اصبح لا فائدة منه. و على ما يبدو أننا سنعيش فترة أخرى من الزمن نتسائل هل رأينا الهلال أم غم علينا ؟ و هل عبرت الكرة خط المرمى أم لا؟ حتى يرحمنا مشايخنا و الاتحاد الدولي لكرة القدم
